الطويل يكتب: مقاطعة بني مكادة والرقمنة.. ازدواجية المعايير وبؤس التسيير

الواضح24
2023-06-21T17:50:43+00:00
كُتّاب وآراء
الواضح2421 يونيو 2023آخر تحديث : الأربعاء 21 يونيو 2023 - 5:50 مساءً
الطويل يكتب: مقاطعة بني مكادة والرقمنة.. ازدواجية المعايير وبؤس التسيير

عثمان الطويل

رفع القائمون على تدبير الشان العام بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، شعار الإدارة الرقمية، لمواكبة السرعة الفائقة التي يسير بها قطار الثورة الرقمية التي تشهدها مختلف دول العالم. قطار لا تتوقف عجلاته عن الدوران، ولا مكان فيه للمتأخرين عن ركب التنمية..

ذلك أن الانصهار في هذه المنظومة الرقمية العولمية، يقتضي بدءا على المستوى الداخلي، التعجبل برقمنة الإدارة المغربية بكافة قطاعاتها ومؤسساتها العمومية، خصوصا ما تعلق بخدمة المرتفقين عبر تبسيط المساطر الإدارية، وتيسير الحق في الحصول على المعلومة، والخدمات المرفقية، فضلا عن تفعيل خطوة إلغاء بعض الوثائق والشواهد الإدارية التي كانت تثقل كاهل المرتفق، وتعسر خدمته، وتهدر وقته وطاقته وماله.

غير أن هذا السعي الحثيث نحو عصرنة الإدارة المغربية، الذي باشرته الدولة قبل وبعد ولوجها عالم الرقمنة، يصطدم بعدم عصرنة الذهنيات المتخلفة معرفيا ومهاريا، والتي تجثم على أنفاس الإدارة المغربية، وتفرمل كل محاولات الإقلاع، والدفع بعجلة التنمية نحو الأمام. هذ الذهنيات تشكلت من داخل منظومة معطوبة يجمع الخاصة والعوام أنها منظومة فاسدة، بفساد نخبها، نخب أفرزتها استحقاقات انتخابية موجهة ومتحكم فيها، حتى لا نقول شيئا آخر .

وإذا كانت الرقمنة من الرافعات الأساسية التي اعتمدتها الدولة لتجويد الخدمات الإدارية، كما ونوعا، بهدف تبسيط المساطر الإدارية، ومحاربة البيروقراطية من داخل المرافق العمومية، باعتبارها معرقلا لكل مشاريع وفرص التنمية، والتي تم إهدار كثير منها، فإن واقع الحال يثبت فشل هذه الرقمنة بما هي استراتيجية وطنية للمساهمة في الإقلاع الاقتصادي والتنموي بشكل عام، فشل تؤكده خدمات مختلف المصالح الخارجية للقطاعات العمومية، خصوصا المرتبطة بتدبير الشأن العام المحلي.

ولعل ما تشهده الجماعات الترابية من بيروقراطية وعبث قي تدبير الشأن العام لهو خير دليل ومثال على ما نزعم.

إن ما تعرفه الإدارة العمومية وخصوصا الجماعات والمقاطعات، من سوء في التدبير، ورعونة في التسيير من طرف بعض نخب 8 شتنبر، الذين عادوا بالمرفق العمومي عقودا نحو الوراء، إمعانا في تعطيل مصالح المواطنين، عكس الأهداف والبرامج والاختيارات الاستراتيجية للدولة لهو مؤشر واضح على فشل مخطط الرقمنة، ، .
ولعل مقاطعة بني مكادة بطنجة، والتي تعد من أكبرالمقاطعات وطنيا، ليس على مستوى المساحة وتعداد الساكنة فحسب، إنما على مستوى حجم الاختلالات التدبيرية التي تعرفها أيضا. حيث أصبحت خدمة مرفقية بسيطة كانت تقدم في الماضي القريب في دقائق، ، تتطلب أياما وشهورا مع نخب” كفاءات “8 شتنبر الشهيرة، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، طلب شهادة إدارية للربط الفردي بالماء والكهرباء ، بات بمثابة رحلة شاقة يتجشمها المرتفق لشهور معدودات، وقد لا يتحصل عليها إلا برضى رئيس المقاطعة إن كان مزاجه يسمح بذلك، أو بوساطة تابع من أتباعه، أو تابع التابعين، هؤلاء الذين تناسلوا كالفطر بعد استحقاقات 8 شتنبر، في الوقت الذي كان المجلس السابق، قد كنس الإدارة ونظفها من الشوائب والادران التي كان تحيط بكل قسم او مصلحة من مصالها، .
وفي ظل هذا الواقع البئيس الذي تشهده مقاطعة بني مكادة، بسبب لا كفاءة جل منتخبيها، وفشلهم الذريع، في تنزيل مخطط الرقمنة، تبقى الاختيارات الاستراتيجية للدولة وفي مقدمتها التنزيل الشامل للجهوية الموسعة، مجرد أمان بعيدة المنال.
إن رفع شعار الرقمنة وتبسيط المساطر الإدارية وتيسير الخدمات المرفقية، كورش كبير مؤطر بالتوجيهات الملكية، وترسانة قانونية ترمي الى تطوير الفضاء الاداري بالتقنية المعلوماتية و رقمنة العمليات الادارية، وبسط جسور الثقة المتبادلة بين المرتفق و الادارة، من أجل النهوض بالتنمية المحلية والمجالية، والدفع بعجلة الاقتصاد الوطني نحو الأمام، لا يستقيم والواقع المرير الذي يعيشه المرتفق من داهل دهاليز المقاطعة، واقع أصبح فيه الحصول على شهادة إدارية بسيطة، حلما يراود صاحبه في اليقظة والمنام…
هذا التوجه نحو الرقمنة الشاملة في الادارة العمومية، والسعي نحو
، ترسيخ ثقافة التحول الرقمي، و تجسير الثقة المفقودة بين الادارة و المرتفق تم التأسيس له وتاطيره بقوانين تنظيمية ،كقانون 55.19 الخاص بتبسيط المساطر الادارية و قانون54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية يحدد قواعد و مبادئ الحكامة الجيدة، .غير أن واقع الحال ببعض الإدارات العمومية وعلى رأسها الجماعات الترابية يثبت أن الرقمنة مجرد شعار رنان يرفع للاستهلاك لا أكثر. “.
.
ويبقى السؤال الحارق ما العمل؟ وأين الخلل؟ في ظل هذا الوضع المتردي الذي يعرفه تدبير الشأن العام المحلي؟
وهل ستبقى دار لقمان على حالها، ما دام مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة مجرد حبر على ورق؟

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة