أبرز مضامين القانون رقم 21-13 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي

الواضح24
2021-03-12T23:41:00+00:00
كُتّاب وآراء
الواضح2412 مارس 2021آخر تحديث : الجمعة 12 مارس 2021 - 11:41 مساءً
أبرز مضامين القانون رقم 21-13 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي
إبراهيم مراكشي: أستاذ جامعي – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة

رسميا صادق مجلس الحكومة يومه الخميس 11 مارس 2021 على مشروع قانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي. فما هي أبرز مضامين هذا القانون؟

في هذا القانون نجد نقطته المحورية التي يرتكز عليها هي الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي. هذه الأخيرة تشكل العمود الفقري الذي يقوم عليه هذا النص القانوني، إذ لو حذفناها منه سينهار، وستتهاوى مواده، وتتراكم بعضها فوق بعض بلا أي معنى أو جدوى.

لأهمية هذه المؤسسة أفرد لها المشرع بابا خاصا، وهو الباب السابع، وخصها بأكبر عدد من المواد (من المادة 31 إلى المادة 42) ومن المساحة الإجمالية للنص القانوني (30%). عالج خلالها المشرع مواضيع مرتبطة بالغرض منها، مسألة الوصاية (المادة 32)، وطبيعة اختصاصها (المادة 33)، الأجهزة المكلفة بالإدارة والتسيير (من المادة 34 إلى المادة 41)، الميزانية (المادة 42)، وأخيرا المستخدمين (المادة 43).

الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، مركزها محوري في هذا النص القانوني، فهي الألف والياء، هي المبتدأ والخبر، البداية والنهاية؛ بصيغة أخرى، هي المسؤولة عن “تتبع مسار القنب الهندي خلال كل مراحل سلسلة إنتاجه وتحويله وتصنيعه وتسويقه وتصديره واستيراد منتجاته، لا سيما قصد ضمان عدم استعماله في نشاط غير مشروع وعدم استعمال القنب الهندي المنتج بطريقة غير مشروعة في أنشطة مشروعة” (المادة 44).

تعد الوكالة الوطنية في الواقع، الذراع المؤسساتي للدولة التي ستعمل من خلاله على تنفيذ استراتيجيتها في “مجال زراعة القنب الهندي وإنتاجه وتصنيعه وتحويله وتسويقه وتصديره واستيراد منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية”، وفق تعبير المادة 33.

وبالمناسبة فالوكالة المذكورة عدها المشرع ضمن خانة المؤسسات العمومية التي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي (المادة 31)، مقرها المركزي بالعاصمة الرباط. لقد ترك المشرع الباب مفتوحا أمام إمكانية إحداث فروع جهوية أو إقليمية بقرار من مجلس إدارتها.

رغم أن المواد التي تنظم وتؤطر عمل هذه الوكالة تمثل حوالي ثلث النص القانوني (المواد 31 إلى 42)، إلا أنه على أرض الواقع، نجد أن هذه النسبة ترتفع أكثر نتيجة الحضور القوي لهذه المؤسسة في تنظيم وتأطير مواد أخرى، داخل أبواب أخرى. يتضح ذلك منذ مطلع القانون رقم 21-13.

أول من سيلمس التغيير على أرض الواقع هو الفلاح الذي يرغب في زراعة نبتة القنب الهندي، سيجد نفسه محاصرا بجملة من الإجراءات والشروط التي ينبغي أن يستوفيها قبل حصوله على الترخيص. هل سيسفح المجال أمام الأجانب لمزاولة هذا النشاط؟ أم أن الأمر سيظل محصورا في نطاق ضيق، يهم المزارع المغربي دون غيره؟

إن حصول المزارع على الترخيص من طرف الوكالة مقرون بشرط انخراطه في تعاونيات ستنشأ خصيصا لهذا الغرض. في الواقع، إن التنصيص على هذه المسألة تهدف الدولة من وراءه إلى إخضاع هذا النشاط لمراقبتها وهو ما يزال في مرحلة إنتاجه الخام، وأيضا ضبط كمية المحاصيل، ومعرفة حجمها، والحرص كذلك على عدم توجيه جزء من المحصول لاستخراج مخدر الشيرا. ولهذا السبب نص المشرع على ضرورة تسليم المحصول بأكمله إلى التعاونيات (المادة 8).

وفي مجمل الأحوال، فإن زراعة وإنتاج القنب الهندي ينبغي أن تتم في “حدود الكميات الضرورية لتلبية حاجيات أنشطة إنتاج مواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية” (المادة 5)؛ بما يعني ضمنا، تضييق الخناق على القنب الهندي المخصص للتهريب الدولي للمخدرات. من الواضح أن الدولة، من خلال هذا النص، هيأت “أسلحتها” القانونية التي ستستهدف بها أباطرة تجار المخدرات. 

لقد تفطن المشرع مبكرا إلى احتمالية تذرع المزارعين بتلف جزء من المحصول، أو كله، قصد توجيهه لإنتاج “الحشيش”، لذلك نص في المادة التاسعة إلى ضرورة قيام المزارع بالتصريح بذلك داخل أجل أقصاه ثلاثة أيام ابتداء من تاريخ وقوع الضرر أو التلف، قصد تمكن الوكالة من معاينة الوضع وتقييمه.

تنتفي العلاقة بين المزارع ومحصوله بمجرد تسليمه للتعاونيات. لقد هدف المشرع من هذا الإجراء قطع الطريق أمام إمكانية تجار المخدرات شراء المحاصيل. يلاحظ في هذا السياق، أن هذا النص القانوني حاول حماية المزارع بتنظيم نشاطه في شكل جماعي (التعاونيات)، لكنه لم يقدم أية ضمانات تساعد على تحسين وضعيته.

إن حضور الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في هذا المستوى قوي جدا، فهي التي تحدد وتنظم العلاقة التعاقدية الحصرية بين التعاونيات وشركات تصنيع وتحويل القنب الهندي أو شركات التصدير المرخص لها، إذ لا يتم التسليم إلا بحضور ممثلي الوكالة والسلطات المحلية والجهات الأمنية المختصة (المادة 10). وفائض الإنتاج الذي يتجاوز الكميات المتعاقد بشأنها تحرص هذه اللجنة على إتلافه بشكل فوري؛ كما أن الوكالة هي التي تضع وتحدد نماذج عقد البيع ومحضري التسليم والإتلاف. ولأهمية هذه العملية تصدر النماذج بنص تنظيمي. 

الوكالة إذا هي صاحبة الحل والعقد في منح التراخيص للمزارعين على ضوء الشروط السالف ذكرها، غير أن المشرع اشترط علاوة على ما سبق شرطا آخر؛ وهو أن يكون المزارع مالكا للأرض المزروعة، أو حاصلا على الإذن من المالك الأصلي “لزراعة القنب الهندي بالقطعة المذكورة”، وفق تعبير المشرع.

إن استيفاء المزارع لكل هذه الشروط لا يعني إطلاق يده في زراعة القنب الهندي، بلا حسيب ولا رقيب، فالوكالة المذكورة، بتنسيق ومع الحكومة، تعد له دفتر تحملات يتعين عليه أن يلتزم ببنوده (المادة 8).

لقد أخضع المشرع جميع الأنشطة المرتبطة باستخدام نبتة القنب الهندي للأغراض الطبية والصناعية، من الزراعة والتصنيع إلى النقل والتصدير لمراقبة الوكالة الوطنية.

إن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي هي المسؤولة عن منح الرخص ومدة صلاحيتها، ورفضها وسحبها. لقد حدد المشرع هذه المقتضيات ونظمها في الباب السادس.

للوكالة الحق في رفض أي طلب لا يستوفي الشروط المطلوبة، لقد ذكر المشرع بعض الحالات، التي ذكرها، على سبيل المثال لا الحصر، وعدها قس ثلاث:

  • إذا تضمن ملف طلب الرخصة وثائق مزورة أو معطيات غير حقيقية؛
  • إذا انطوى منح الترخيص على أخطار محدقة بالصحة والأمن العمومي عبر استخدام القنب الهندي في نشاطات غير مشروعة؛
  • إذا أخل طالب الرخصة بصفة متكررة بالشروط المنصوص عليها في هذا القانون.

إن الرخصة التي تمنح في هذا الإطار ليست حقا مكتسبا لصاحبها يجوز التصرف فيها كما يحلو له. من ناحية مدة سريانها، فقد حدد لها المشرع سقفا زمنيا مدته عشر سنوات، قابلة للتجديد، بشرط أن تستوفي الشروط المطلوبة لمنح التراخيص (المادة 27). وفي حالة ما إذا أُدخل تعديل أو أُحدث تغيير في الشروط المطلوبة، تتدخل الوكالة مرة أخرى وتبلغ المعنيين بها داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ حدوث التغيير المذكور (المادة 28).

سبق وأن قلنا بأن الرخصة لا يجوز لحاملها التصرف فيها كما يشاء، فلا يحق له تفويتها أو إدارتها أو إيجارها، أو نقلها أو التنازل عنها (المادة 29).

لقد خص المشرع الوكالة الوطنية وحدها حق سحب الرخصة، إما بناء على طلب المعني بالأمر، وإما من تلقاء نفسها في حالات ووضعيات حددها المشرع في المادة 30، نذكر من بينها على سبيل المثال: في حالة وفاة صاحب الرخصة أو حدوث تغيير جوهري في وضعه القانوني، أو إذا لم يعد مستوفيا لشرط من الشروط، أو في حالة توقفه دون عذر مقبول عن ممارسة النشاط موضوع الرخصة لمدة مستمرة تفوق السنتين، أو في حالة عدم التقيد بأحكام هذا القانون إلخ.

في اتخاذها لهذا القرار يتعين على الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي أن تنذر المعني بالأمر وتخبره كتابة، وأن تمهله مدة 15 يوما، من تاريخ توصله بالإنذار، حتى يتمكن من الإدلاء بملاحظاته (المادة 30).

الدولة ستراقب عن قرب مختلف المراحل التي ستقطعها نبتة القنب الهندي من المنتوج الخام إلى تصنيعه، وذلك عبر مؤسسة الوكالة الوطنية التي تتكفل بإعداد دفتر التحملات. هذه الأخيرة حاضرة بقوة في مختلف المحطات.

هكذا نجد الحاصلين على رخص “إنشاء مشاتل القنب الهندي واستغلالها ورخص تصدير بذور القنب الهندي وشتائله ورخص استيرادها”، ملتزمين باحترام بنود دفتر التحملات، والتقيد بأصناف البذور والشتائل المعتمدة من طرف الوكالة (المادة 13)، وأن يتوفروا على مخازن مؤمنة ومحروسة معدة لهذه الغاية. ونشير إلى أنه يُعاقب بغرامة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف و50 ألف درهم كل من استعمل بذور أو شتائل غير معتمدة من لدن الوكالة (المادة 54).

الوكالة هي المخولة أيضا لمنح تراخيص مزاولة أنشطة تحويل القنب الهندي وتصنيعه ونقله، وذلك متى استوفى صاحب الطلب الشروط المطلوبة (المادة 14)، وهي:

– أن تكون الشركة خاضعة للقانون المغربي؛ 

– أن تتوفر على الوسائل المادية والبشرية المؤهلة والكافية؛ 

– الحصول على “الرخص الضرورية لمزاولة الأنشطة”.

ويقصد المشرع بهذا الشرط الأخير أن تكون الشركة في وضعية قانونية سليمة. وفي حالة استيفاء طالب الرخصة لهذه الشروط، يتوجب عليه قبل أن يزاول نشاطه توقيع عقد البيع التي تتكفل الدولة بوضع نموذج له (المادة 10)، وأن يتوفر على مخازن مؤمنة ومحروسة معدة لهذه الغاية (المادة 15).

في هذه المادة الأخيرة كان المشرع واضحا، إذ أن الشركات ملزمة باقتناء المحاصيل حصريا وفقط من التعاونيات، وهذا ما عبر عنه صراحة بقوله: “التي تقتنيها من التعاونيات”.

المادة 17 أغلقت الباب قانونيا أمام أية إمكانية لإنتاج مواد غير الدوائية والصيدلية من نبتة القنب الهندي تحتوي على المادة المخدرة (رباعي هيدرو كنابينول) وتتجاوز النسبة المحددة بنص تنظيمي. وكأن المشرع بهذه المادة أراد أن يوجه تحذيرا لتجار ومهربي مخدر “الحشيش”. وزيادة في التأكيد، أكد المشرع على أن ما تم تحويله وتصنيعه لا يجوز تسويقه وتصديره إلا لأغراض طبية وصيدلية وصناعية (المادة 19).

فيما يتعلق بتسويق وتصدير القنب الهندي ومنتجاته واستيرادها أفرد له المشرع بابا كاملا (الباب الخامس). الوكالة الوطنية تتدخل في هذا المستوى عبر منح التراخيص لمزاولة أنشطة التسويق والتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته لأغراض صناعية (المادة 21). إن التراخيص تمنح فقط للشركات الخاضعة للقانون المغربي، والتي تتوفر على الوسائل المادية والبشرية المؤهلة للقيام بذلك. اشترط المشرع على هذه الأخيرة التوفر، بدورها، على مخازن مؤمنة ومحروسة لهذه الغاية (المادة 22).

المشرع كان حازما في هذا الإطار، إذ يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 20 ألف و100 ألف درهم كل شخص لا يتوفر على مخازن مؤمنة ومحروسة لتخزين محاصيل القنب الهندي وبذوره أو شتائله أو منتجاته (المادة 53). وتضاعف هذه العقوبة في حالة العود (المادة 55).

تضع الوكالة الوطنية دفتر التحملات التي تلتزم هذه الشركات باحترام بنوده والتقيد بها، ويتضمن هذا الدفتر القواعد والمعايير التقنية المرتبطة بالتخزين والنقل وجودة وفعالية المواد المذكورة (المادة 23).

من خلال ما تقدم يبدو أن الدولة عازمة كل العزم على التحكم في نطاق ومستويات زراعة القنب الهندي، وكذا في تحديد مجالات استعماله، والضرب بيد من حديد كل من خالف مضامين ومقتضيات هذا القانون. فأعوان الوكالة الوطنية المحلفين يراقبون الوثائق ويقومون بزيارات لعين المكان للتأكد من احترام أصحاب الرخص لهذا القانون (المادة 49)، ويعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وبغرامة من 10 آلاف إلى 20 ألف درهم كل من قام بعرقلة قيامهم بمهامهم أو منعهم من ذلك (المادة 52).

إن الدولة عازمة على القضاء، أو ربما الحد، من الزراعات “العشوائية” الموجهة لإنتاج مخدر “الحشيش”، إذ يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 5000 إلى 100.000 درهم كل من:

  • قام بزراعة القنب الهندي خارج المجالات التي حددتها الدولة، أو بشكل يتجاوز المساحات موضوع الرخصة؛
  • قدم بيانات ومعلومات كذبة ترتب عنها منح الرخصة؛
  • استمر عمدا في حالة التنافي؛
  • لم يسلم المحصول بأكمله إلى التعاونيات؛
  • لم يصرح بتضرر أو هلاك محاصيل القنب الهندي داخل الآجال المنصوص عليها قانونا؛
  • قام بإتلاف محاصيل القنب الهندي أو بذوره أو شتائله أو منتجاته دون مراعاة أحكام هذا القانون.

تضاعف هذه العقوبة في حالة العود (المادة 55).

إن هذا القانون ثوري بكل المقياس، سيكون له مضاعفات كثيرة وسيغير من وضعيات اجتماعية متعددة. غير أن تطبيقه سيصطدم بجملة من العراقيل، وقد تنتج عنه انتفاضات اجتماعية في المناطق المتضررة. فهل الدولة ستنهج في تنزيل هذا القانون مقاربة تدرجية تشاركية؟ أم مقاربة تدخلية انفرادية؟ وكم من الوقت سيتطلب منها تنزيله؟ وما هي الآثار المترتبة على ذلك؟ هل سيفسح المجال أمام أباطرة المخدرات لتبييض أموالهم للاستثمار في الأنشطة المشروعة للقنب الهندي؟ وضمن أي إطار؟ وهل هذا يعني اختفاء مخدر “الحشيش” من الأسواق العالمية؟ أسئلة كثيرة تتناسل من هذا القانون، أجوبتها تظل معلقة في انتظار الخطوات التي ستقدم عليها الدولة المغربية.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة