جمال العسري يكتب: الساسي و حفيظ … ورحلة التيه السياسي

الواضح24
كُتّاب وآراء
الواضح2426 يوليو 2021آخر تحديث : الإثنين 26 يوليو 2021 - 6:15 مساءً
جمال العسري يكتب: الساسي و حفيظ … ورحلة التيه السياسي

بداية لا يمكن لأي ديمقراطي و مدافع عن الديمقراطية إلا أن يقر بحرية استقالة كل عضو من التنظيم الذي انتمى إليه… وتحت أي دافع … لذلك من حق الساسي و غير الساسي الاستقالة من الحزب الذي كان أحد مؤسسيه وقادته … بل اعتبره البعض من حكماء الحزب … فالاستقالة حق من حقوقه … و له الحق في تقديم الأسباب و المبررات التي يريدها … و من حقه أن يصبغ مبرراته بالألوان التي يريد … و التي يراها مناسبة لسحر أنظار المشاهدين كما سحر سحرة فرعون أنظار الناس …. و لكن ما يؤاخذ عليه بشدة اتباعه منطق استغبائنا واستحمارنا… و أن يمارس تقنية” غوبلز” الشهيرة، والتي ملخصها: اكذب … اكذب …واكذب … حتى يصدقك الناس … فهذا ما لن أقبله لا أنا و أنا عدد كبير من مناضلي هذا الحزب … ومن المتعاطفين معه … و من المواطنين الديمقراطيين … ولن أخوض هنا في تبيان مقدار وحجم الكذب في دوافع استقالات كل من الساسي و “حفيظ” و غيرهما … بل سأطرح تساؤلات … على من نصبوا أنفسهم على رأس ديمقراطيي المغرب … بل ويعتقدون بزعم كونهم من منظري الديمقراطية المغربية، فلنبدأ بمبررات استقالتهم؛ لأطرح ملاحظاتي التي تتخذ طابعا استنكاريا أكثر منه استفساريا… فلنبدأ بالمبررات:

⁃ الرفيق “حفيظ” موقع أرضية “اليسار الوحدوي”، يستغرب منه أن الأرضية التي وقعها تقوم على تبرير واحد ووحيد، ومبتدأه وخبره هو انتقاد القيادة الحزبية و اتهامها بتجاوز كل قواعد الديمقراطية …

  • الرفيق “حفيظ” يتشبث بحقه القانوني بتأسيس تيار يمثل توجهاته…
  • الرفيق الساسي ارتكز على نفس المبررات، ولم تختلف استقالته كثيرا عن باقي الاستقالات من حيث إغراقها بالانتقاد للرفيقة ” نبيلة منيب ” الأمينة العامة.

لننتقل إذن إلى ملاحظاتي التي تتخذ طابعها الاستنكاري للاموضوعية مبررات الاستقالة:

  • تنطلق الملاحظة المركزية الأولى أن موضوع استقالة كل من الساسي و حفيظ ارتبطت أساسا بالتناقض مع خط ومسار قيادة الاشتراكي الموحد الذي تمثلة الأمينة العامة نبيلة منيب، لكن، هل كانت نبيلة منيب كل القيادة! ألم يكن حفيظ موقع أرضية “اليسار الوحدوي” نائب الأمينة العامة!… بل ألا نجد ضمن الموقعين معه ثلاثة أعضاء آخرين من المكتب السياسي و ضمنهم نائبة الأمينة العامة! ، أليس من أسس المنطق الديمقراطي الأولية أن يقدم الرفيق “حفيظ” استقالته أولا من هذه القيادة التي ينتقدها ثم يقدم أرضيته بعد ذلك ؟؟ وإلا كيف يستقيم منطق انتقاد القيادة و التشبث بها ؟؟!!
  • من الدفوعات التي قدمها محمد حفيظ حقه القانوني في تأسيس تيار يمثله، وهذا حق قد لا ينازعه فيه أحد. لكن المستغرب هو السقوط في التناقض الفظيع في تصريحاته السابقة واللاحقة على الاستقالة، فحفيظ الذي يدافع عن هذا الحق هو نفسه، وخلال اجتماعين للمكتب السياسي، من نفى وجود أي تيار، و اعتبر ذلك مجرد كلام صحف … فهل يعتقدنا نملك ذاكرة سمكة! وهل بهذا السلوك تبنى الثقة ؟؟ وهل هذه هي الثقافة الديمقراطية التي يبشر بها ؟؟

  • أما الساسي، فأولى الملاحظات على استقالته تتعلق بدفوعاتها الشكلية قبل الجوهرية، ذلك أنه إذا صح ما نشره موقع هسبريس بكون الساسي قدم استقالته يوم السبت 24 يوليوز 2021، فإن ما يستغرب له هو عدم توصل المكتب السياسي بها إلى حدود اجتماعنا مساء يوم الأحد 25 يوليوز 2021. فما معنى ذلك؟ وهل يسعى الساسي إلى ترسيخ منطق الاستقالة عبر الهواء عوض تصريف قراره عبر مؤسسات حزب ضمه لسنوااات؟ وهل يقبل قانونا باستقالة لا يتوصل بها الحزب؟ وهل معنى ذلك الاستهزاءبرفاق الأمس أم بمنطق التعالي والأستاذية المتصنمة؟

  • ما يستغرب من الساسي الذي اعتبرناه نحن مناضلي ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي من منظري اليسار ، هو أن نفاجأ حد الصدمة بحيثيات و مبررات استقالته …ذلك لافتقارها للتأسيس النظري، والبناء المفهومي، والأفق الفكري، وهو ما جعلها استقالة باهتة شبيهة بباقي الاستقالات، والتي جعلت محورها ومدارها ومرتكزها الإغراق في انتقاد الرفيقة ” نبيلة منيب ” الأمينة العامة، فأسقط كل النقد في مزلق الشخصنة، وجعل الأمينة العامة مشجبا للتحلل من كل المسؤوليات في تبرير ما وصل إليه الحزب من تصدع، وكأن الأمينة العامة قد غدت حائط مبكى لكل المستقيلين؟!

  • يقدم “الساسي” منسق سكرتارية المجلس الوطني ، و “حفيظ” نائب الأمينة العامة، مبرر استقالتهما بكونهما أحرص على الانضباط للقوانين المنظمة للحزب، ويدعيان أنهما يمثلان الأغلبية… لكن، ألا يعلمان معا أن قوانين الحزب تعطي الحق لثلث أعضاء المجلس الوطني إمكانية الدعوة لعقد مجلس وطني إستثنائي و طرح النقط التي يراها هذا الثلث ضرورية للنقاش، فلماذا لم يفعل الساسي ورفيقه حفيظ هذا المقتضى، ويعرضا وجهة نظرهما، ويقلبا الطاولة على من يخالف تصورهما من داخل الحزب وهياكله التنظيمية؟! لماذا لم يطالبا بعقد دورة استثنائية للمجلس الوطني عوض الاختباء وراء خطاب المظلومية؟؟! ألم يكن موقع الساسي باعتباره منسق سكرتارية المجلس الوطني يخوله التنسيق مع المكتب السياسي للدعوة إلى عقد مجلس وطني للحزب؟؟! فلماذا يستنكر اليوم عدم عقد هذا المجلس؟! هل يعتقدان حقا أننا بهذا الحجم من الغباء لنضيع في متاهات تصريحاتهما المتتالية؟!

  • من الملاحظات الأساسية على تبريرات الرفيق الساسي غير اللائقة أنه يتحدث عن الإخلال بالتعاقدات و على رأسها تعاقد الاندماج بين الأحزاب الثلاثة المكونة لفيدرالية اليسار الديمقراطي … و هذا “حق يراد به باطل ” … حق لأن الاندماج هو مطلب سياسي و مطلب يساري و أمل و حلم لكل اليساريين المغاربة … و باطل لأن الرفيق الساسي سقف حلمه أقل من سقف حلمنا … فإذا كان حلمنا هو وحدة اليسار … فرفيقنا حلمه … هو إحياء الحركة الاتحادية … و تجميع شتات الاتحاديين … و إعادة بناء الحزب الإتحادي الإشتراكي الكبير … وملاحظتي هذه لم تصنعها وقائع استقالته وغيره، بل هي سابقة زمنا على كل ذلك، وقد صرحت منذ ما يزيد عن سنة و نصف من الآن … إن الرفيق الساسي يبتدئ عنده اليسار و ينتهي … عند المدرسة الاتحادية فلا يسار قبلها و لا يسار بعدها …( رفقته و في أول تعليق تدوينة سابقة لي في الموضوع )، و إلا ما معنى بناء فيدرالية بحزبي الطليعة و المؤتمر الوطني وفتح الباب في وجه الغاضبين من الاتحاديين و أعضاء من الحزب الإشتراكي الموحد المنتمين سابقا للوفاء للديمقراطية … و أقول أعضاء من و ليس كل الأعضاء … وما معنى أن يصف الرفيق الساسي رفاقا له كان بجانبهم لحوالي عقدين من الزمن … يصفهم ب ” آل البيت ” و ” أهل الدار ” و هو يقصد بذلك الرفاق المنتمين سابقا لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي … و يصف غيرهم ب “الوافدين” ؟؟ ألا يعني هذا أن سي الساسي و رغم مرور سنوات و سنوات لم يندمج حقا … و ألا يمكن وصف عمله ب “التقية” … تقية الشيعة … استنادا إلى الحقل الدلالي الذي استمد منه معجمه و هو يقسم رفاقه إلى ملل و نحل …

— ما يؤسف له أن حفيظ والساسي أثبتا بمبررات استقالتهما أنهما  عاشا حياتهما الحزبية بمنطق “التيه السياسي”، وبعد أن استقر شراع قاربهما في الاشتراكي الموحد، أحرقا سفينتهما، وحاولا إغراق غيرهما، لكنهما لم يظفرا إلا برحلة أخرى تجددت في مسيرة التيه السياسي، لكنه تيه هذه المرة لا يشبه سابقه، لا أتحدث فقط عن السن البيولوجي للرفيقين المناضلين، ولكن أتحدث عن الخواء الذي بنيا به وعليه أوهام مبرراتهما، والتي لم يسعفها لا البعد الفكري، ولا الموقف السياسي، ولا حتى غاية مطلب البناء الوحدوي لليسار، ولا ينبغي للمرء أن يصل درجة قصوى من النباهة ليرى كيف يبنى مطلب الوحدة على طلل الانشقاق! إبداع؟!!!

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة