أنا وولدي وبنتي أو خويا

قياديون بآسفي يورثون المناصب الانتخابية لأبنائهم وأشقائهم

الواضح24
2021-08-23T10:14:24+00:00
سياسة
الواضح2423 أغسطس 2021آخر تحديث : الإثنين 23 أغسطس 2021 - 10:14 صباحًا
أنا وولدي وبنتي أو خويا
أحمد الجوهري

هم قياديون سياسيون محليون أبوا إلا أن يضمنوا لأقربائهم مكانة بالمشهد السياسي المحلي، عبر مقاعد في واحدة من الغرفتين أو بالمجالس المنتخبة، هم من ذاقوا حلاوة السياسة وخبروا الحياة خلف أسوارها بعدما جلسوا على كراسي المسؤولية، فاختاروا أن يحقنوا أبنائهم وإخوانهم وأقربائهم بحقن الاندماج في الحقل السياسي رغم افتقارهم لمقومات العمل السياسي، لكن نفوذ الديناصورات كان كفيلا بأن يجعل من الابن أو الأخ أو القريب نائبا برلمانيا أو على الأقل عضوا في هيئة منتخبة.

حول بعض القياديين المشهد السياسي المحلي إلى منظومة إرثية من حق الأبناء والأقارب أن يرثوا نفوذهم السياسي والانتخابي، وهكذا دفع ببعض الكائنات الانتخابية بأن تجعل من فلذات أكبادها رموزا سياسية رغم كونها تفتقر إلى مقومات العمل السياسي، فقط هناك هامش كبير سمح لهؤلاء الأبناء والأقارب بأن يكونوا أرقاما مهمة في المشهد السياسي المحلي وهذا الهامش مستمد من نفوذ أولياء الأمور الذي يعملون جاهدين على أن ينجح نفوذهم في أن يكون قادرا على ضمان مقعد انتخابي لمن وقع عليهم الاختيار.

المشهد السياسي يحتضن نماذج صارخة تمثل حضور النفوذ السياسي والانتخابي في وجود كائنات انتخابية بديلة لا يمكن لها التواجد في غياب الكائنات الانتخابية الرسمية، حيث شكل هؤلاء نظاما سياسيا معروفا قائما على إلباس النجل خصوصا لباسا حزبيا وتسويقه كسياسي شاب يختزن بين الأضلع هموم المنطقة والساكنة.

عبر هذه اللعبة التي يجيدها امبارك السباعي وعمر محب والتهامي المسقي، فقد المشهد السياسي إحدى ركائزه المبنية على وجود الكفاءات داخل بعض الأحزاب، هذه الأخيرة تحولت إلى دكاكين يستولي عليها بعض أباطرة المال، الذين يتحكمون في مفاتحها، وفي أبوابها التي تظل موصدة في وجه الأطر مقابل السماح للمعارف والموالين بدخولها، فكانت هذه واحدة من الأسباب التي رفعت من منسوب العزوف الانتماء الحزبي، وحصول العزوف الانتخابي، والنتيجة الحالية غياب شامل للأحزاب في تأطير المواطنين، وانتظار حلول المواعيد الانتخابية وطرق أبواب الناخبين وتوزيع منشورات تحمل برامج انتخابية وهمية.

الديناصورات الانتخابية التي سلمت لأبنائها مفاتيح الأبواب الانتخابية ساهمت بشكل جلي في تقزيم دور الأحزاب السياسية وفي تلطيخ صورتها، طالما أن أولى الهموم التي يحملها هؤلاء لا تتجاوز المقاعد الانتخابية وخصوصا البرلمانية التي يسعى كل واحد من المعنيين جاهدا بأن يحيطها بسياج حديدي ولو على حساب نزاهة العملية الانتخابية، حيث يشهد التاريخ على تورط العديد من القياديين الفاسدين في فضائح انتخابية دون أن يسلم أقاربهم من التورط في فضائح مماثلة أفسدت نزاهة الانتخابات وخدشت صورتها.

والمثير في هذا الشأن أن أبناء الكائنات الانتخابية ورثوا طباع ومكر السياسة عن أبائهم وحولوا الحياة السياسية إلى مستنقع آسن تتداخل فيه الدسائس وتتحكم فيه الأهداف الانتخابوية والصراع على الكراسي، وجسدوا بذلك المثل القائل “من شابه أباه فما ظلم “.

عائلة السباعي …الأب والإبن في قبة البرلمان

 امبراطور الرمال امبارك السباعي الذي يستولي على المقالع الرملية بالشريط الساحلي لأسفي، هو مستشار برلماني بالغرفة الثانية عن فريق الحركة الشعبية، ورئيس لجماعة المعاشات القروية، فيما نجله عادل السباعي عضو بالمجلس الإقليمي لأسفي، وبرلماني بمجلس النواب يحمل لون الحزب الذي يرتديه والده.

القيادة العامة لحزب الحركة الشعبية كلفت امبارك السباعي ليكون منسقا إقليميا للحزب بإقليم أسفي، كما أن السباعي الأب والسباعي الإبن هما عضوان بالمكتب السياسي لحزب السنبلة، وبالتالي فإن مفاتيح الحزب إقليميا هي في يد امبارك السباعي، ولا يمكن البتة لهذا الأخير أن يمنح تزكية الحزب في الاستحقاقات الجماعية والتشريعية لواحد من خارج العائلة، وليس ثمة داخل هذا الحزب انتخابات ديمقراطية لاختيار الكفاءات، إلى أن صار الأمر أشبه ب “موروث سياسي” يقتصر على إسم السباعي.

ومن الأكيد أنه إذا غادر امبارك السباعي أسوار السياسة المرتبطة بالإنتخابات، فإن الوريث الشرعي والوحيد الذي ستؤول له المسؤولية الحزبية والقيادة والريادة بحزب السنبلة سيكون نجله عادل السباعي، وهذه واحدة من مظاهر توريث المناصب الحزبية والانتخابية.

عائلة كاريم تبادل للمناصب الانتخابية بين أفراد العائلة

يمتد نفوذ عائلة كاريم من آسفي إلى منطقة اجزولة، ونجحت هذه العائلة في السطو على رئاسة مجلس آسفي الذي ترأسه محمد كاريم، في الفترة السابقة، وعلى المجلس الإقليمي لآسفي الذي يترأسه عبد الله كاريم، فيما يتم توريث رئاسة جماعة اجزولة لباقي أفراد العائلة، حيث ترأسها الأشقاء والشقيقات،  وبات من الصعب أن يحظى أي شخص من عائلة كاريم برئاسة هذه الجماعة التي صارت أشبه بالإرث الانتخابي الذي لا يجوز لغير آل كاريم.

التهامي المسقي وأبناءه

بعد استقالة التهامي المسقي من صفوف حزب الأصالة والمعاصرة، والتحاقه رسميا بحزب محمود عرشان، لخوض الانتخابات التشريعية الأخيرة، وضمان مقعد برلماني عن دائرة اسفي، اكتشف المتتبعون أن لهذا الأخير ابنة شابة اسمها هاجر المسقي وصلت هي الأخرى إلى المؤسسة التشريعية على متن حصان الإتحاد الدستوري ضمن اللائحة الشبابية الوطنية التي احتلت فيها الرتبة الثالثة كممثلة لمدينة الدار البيضاء، ولحقت هذه الشابة بوالدها إلى قبة البرلمان، بعدما ضمن لها الأب التهامي المسقي مقعدا هناك وهي المهمة التي لم يفلح في تحقيقها إلا القياديون الكبار في بعض الأحزاب والذين ضمنوا مقاعد برلمانية لأقربائهم، فيما فاز نجله برئاسة الجماعة الترابية سيدي التيجي، ومما لا شك فيه أن المسقي سيعود خلال الاستحقاقات المقبلة لضمان مناصب انتخابية هامة لنفسه ولأبنائه.

رشيد محب خليفة عمر محب على القلعة الانتخابية الغيات

بعدما تٍرأس الجماعة القروية الغيات لأكثر من ولاية، وجلس على كرسي رئاسة غرفة الفلاحة، وولج قبة البرلمان عن طريق الانتخابات الخاصة بمجلس النواب أو مجلس المستشارين، جل هذه المناصب حصل عليها عمر محب وفق نفوذ انتخابي جعل من منطقة الغيات قلعة انتخابية محصنة تفرز اسم محب كرئيس لمجلسها القروي أو نائبا برلمانيا.

النفوذ الانتخابي الذي يتمتع به عمر محب أنتج رشيد محب وأفرز بذلك المنظومة الوراثية لهذا النفوذ، بعيدا عن السياق الحزبي والاحتكام إلى الاختيارات التي تقررها الهياكل الحزبية، فكما منح الوالد عمر الشعبية الانتخابية لنجله رشيد داخل منطقة الغيات منحه القوة الحزبية ليكون قياديا محليا يقرر في مصير الحزب الذي هو حزب التقدم والاشتراكية.

حزب التقدم والاشتراكية كان في وقت سابق يخضع لإيديولوجيته السياسية ويمتع بديمقراطيته الداخلية التي تأسست على الاختلاف في الآراء وفق حدود الإيديولوجية إلا أنه صار اليوم أشبه بدكان سياسي تسيطر عليه الكائنات الانتخابية التي تكرس ظاهرة توريث المناصب الحزبية والسياسية والانتخابية للأبناء، وعمر محب واحد من مظاهر هذه الظاهرة.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة