دلالات الخطاب الملكي لعيد العرش بين مجابهة جائحة كورونا ورهانات التنمية الاجتماعية

الواضح24
2020-08-07T12:14:43+00:00
كُتّاب وآراء
الواضح247 أغسطس 2020آخر تحديث : الجمعة 7 أغسطس 2020 - 12:14 مساءً
دلالات الخطاب الملكي لعيد العرش بين مجابهة جائحة كورونا ورهانات التنمية الاجتماعية
الدكتور الأستاذ: سمير الوصبي- تخصص: الفكر السياسي الاجتماعي

الخطب الملكية هي صلة لربط التواصل بين الملك وشعبه يراد بها الرصد والتنزيل رصد لحالة الوطن قصد الفحص والتمحيص، وتنزيل لتطلعات الشعب قصد تحقيق الرهانات وتجاوز الاكراهات خطاب العرش لسنة 2020 مختلف من حيث وجود وضع استثنائي يتجلى في تحدى وباء كورونا، سنحاول من خلال هذا المقال بتحليل لغة الخطاب لتعرف على الدلالات سواء السياسية أو الاجتماعية لفحوى المضمون.

كما هو معلوم المغرب اختار نظام ملكية يستمد شرعية دينية عبر إمارة المؤمنين يستهل الخطاب بالحمد والصلاة على رسول الله، دل على عراقة وأصالة الاستمداد الفكري الذي هو ميثاق التعاقد بين أسلاف الملوك المغاربة وشعوبهم فهي إذن الوحدة في المعتقد والتوجه الفكري.

فكانت المناسبة هو سياق زمني بالتذكير على تزامن بين عيد العرش وعيد الأضحى؛ فالأمر فيه مغزى أن علينا الأخذ بقيمة أن ما نواجه يحتاج منا تضحية وصبر وفي نفس الوقت البحث عن حلول لمواجهة الأزمات والاكراهات يقول صاحب الجلالة :” إن من بشائر الخير والتفاؤل، أن يتزامن تخليد عيد العرش هذه السنة، مع عيد الأضحى المبارك، بما يرمز إليه من قيم التضحية والوفاء، والثبات على الحق“.

دغدغ الخطاب مشاعر المغاربة عبر حقيقة يقينية أن الأسرة هي نواة المجتمع الأسرة المتماسكة المتضامنة هي مرآة المجتمع الذي نعيش فيه هو خطاب الروح مع الروح؛ لأن تنشئة الملوك تقوم على قاعدة أن ولي العهد الذي سيحكم في مرحلة ما عليه أن يتشبع بقيم المحبة والوفاء لشعبه فهكذا تتميز الملكية على غيرها تربية على الوفاء بالوعد والعهد”تجعلنا كالجسد الواحد، والبنيان المرصوص، في السراء والضراء”.

وكما يقال المناسبة شرط وكما هو منتظر تناول صاحب الجلالة جائحة كورنا، ورصد الخطوات التي اتبعت غير أن ما يثير الانتباه هو الحكمة الملكية المسمدة من قاعدة سياسية مقررها: “أنه لا يكفي إيجاد حل لأزمة راهنة بل توقع ما قد يحدث لإعداد خطط المواجهة دون نسيان المضي إلى الأمام لتحقيق الرقي والازدهار” هذا ما أصر نص الخطاب التالي على تقريره ” إن عملنا لا يقتصر على مواجهة هذا الوباء فقط، وإنما يهدف أيضا إلى معالجة انعكاساته الاجتماعية والاقتصادية، ضمن منظور مستقبلي شامل، يستخلص الدروس من هذه المرحلة والاستفادة منها “.

الرعاية الاجتماعية هي قوم وصلابة السياسة الحاكمة والجيدة تعني الرعاية الاجتماعية الاعتناء بالطبقات الهشة ذات الدخل المحدود آو المنعدم من صورها التضامن المجتمعي والتعاون بين أفراد المجتمع إلا أن صاحب الجلالة يطلب وضع مخطط اجتماعي قادر على مواجهة التحدي. وقد سبق وطرحنا بشكل تنظيري تصوري لمشروع التنمية الاستثمارية بإيجاد نسق بين الجانب الاجتماعي والاقتصادي عبر إنشاء مشروع التنمية الاستثمارية بخلق مرافق اقتصادية ذات صندوق استثماري حي ففكرة إحداث صندوق لمواجهة الجوائج له أهميته وفعاليته إلا أنها ظرفية كما لو وضعنا ماء بكأس شرب هذا وهذا سيفرغ الكأس لا محالة. أما وإن كان لنا منبع ماء له أخاديد من كل ناحية تزوده فهذا ما نسميه الصندوق الحي. ومن مفهوم التنمية الاستثمارية سيتحقق التكامل بين الجانب الاجتماعي والاقتصادي نفي بالتزاماتنا نحو المجتمع ونحقق التنمية الشاملة من جهة أخرى.

صاحب الجلالة حدد توجهين اثنين في رسم معالم النهوض التنموي في مجابهة جائحة كورونا هما:

-إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي المهمة دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص

-إحداث وكالة وطنية المهمة التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية.

غير أن التعقيب الذي ندلي به أن نجاح التوصيتين لن يكون إلا بالمواكبة المصاحبة المحاسبة فالريع لابد والقطع معه بالصرامة القانونية قيمة الوفاء لتولي هذه المهام والمحاسبة عبر ما أنجز وما سينجز أما التسويف والتماطل في انجاز المهام مضى عهده لأن على من سيتولى هذه المهام عليه أن يأخذ في الحسبان أنه ينفذ أمرا يوميا متعلق بالأمن القومي للمملكة. التسيب ولامبالاة وإيجاد منافذ للمكاسب الشخصية لزم التصدي له، إذا أردنا نجاح المخرجات عند مواجهة الأزمات وهذا ما رمى ولمح له الخطاب بناء شخصية قيادية وفية عند تحمل المسؤوليات والمهام.

ليعود الخطاب إلى الحديث عن التغطية الاجتماعية ليظهر بجلاء أن هناك إرادة ملكية بإعطاء أولوية للجانب الاجتماعي وأن هناك توجه انطلاق مشاريع اجتماعية لربما سيعلن عنها في خطاب عيد الشباب ولعل بوادر تلوح في الأفق لإحداث مؤسسة اجتماعية بإشراف ولي العهد فمؤشرات عدة تدل على هذا التوجه منها حضور ولي العهد بالاجتماع الحكومي الأخير أضف إلى ذلك أن ملوك الدولة العلوية توارثوا تكليف ولي العهد بالمهام الاجتماعية لإحداث ولاية العهد ذات رسم مؤسساتي هو ما يوحي إليه التوجه الملكي للدربة والتمرس ولضمان الرعاية الملكية لينتهي الخطاب الملكي إلى القصد من هذا الطموح في ابتكار وإحداث مشاريع سواء توعوية أو تنموية وهي تحيق الأمن والأمان مشيد بالآن نفسه بالقوات المسلحة الساهرة على وحدة الوطن، وصيانة أمنه واستقراره.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة