المشاركة و الحكامة السياسية والمشاركة مدخلان لتعاقد إجتماعي مثين بالمغرب

الواضح24
2021-07-02T13:39:49+00:00
كُتّاب وآراء
الواضح242 يوليو 2021آخر تحديث : الجمعة 2 يوليو 2021 - 1:39 مساءً
المشاركة و الحكامة السياسية والمشاركة مدخلان لتعاقد إجتماعي مثين بالمغرب
وسيم الشابي: فاعل سياسي وباحث في الإدارة ومرتكزات التنمية

الحكامة هي منظومة متكاملة من العمليات و الصيرورات و الهياكل و الاجراءات و التي يتم توظيفها و استخدامها من طرف المؤسسات لتوجه انشطتها وفق منطق استرشادي وحتى تترسخ هذه المنظومة الحكاماتية المتراصة البنيان ويتوطد صرحها، يبدو من اللازم ارتكازها على اسس متينة ،من قبيل :العالمية، الشمولية او الكلية ،المواطنة والديمقراطية وكذا استنادها على مبادئ قويمة، من ابرزها: المشاركة ،الشفافية، المحاسبة ،المساواة، الفعالية و الرؤية الاستشرافية …و ايضا تبلورها عبر عدة مكونات وعناصر تسير دواليبها: الدولة، المجتمع المدني، القطاع الخاص ،المواطن ووسائل الاعلام… ومن ثم يمكننا الحديث عن التجليات الحقيقية لنشاة وميلاد الحكامة، ككائن تدبيري جديد يعري عن تواجداته في سائر مجالات الحياة ويخترق بابعاده الايجابية كل مناحي الوجود. وبالنظر كذلك لكون المشاركة الانتخابية هي الوجه المشرق للمشاركة السياسية. هنا نؤكد على ان الانتخابات “ظاهرة متعددة الجوانب ،اكثر مما هي تعبير مبسط لاختيارات الفرد المفضلة للاحزاب ،فهي تعكس جملة من التاثيرات الكبيرة الممارسة عنه اي عن الفرد” .

فالانتخابات بذلك تتجسد كلبنة من لبنات بناء معالم الدولة الحديثة ،و التي يرتهن بها مستقبل الافراد و الجماعات .واذا حاولنا ان نطبق كل هذه التصورات على الحالة السياسية المغربية و ما يرتبط بها من لحظات انتخابية مختلفة فسنجد وعبر المحطات المتعددة والفترات المختلفة للمشهد السياسي المغربي كون الانتخابات ظلت وسيلة من ابرز وسائل الشرعنة السياسية و الية مركزية من اليات بناء و تحديث النسق السياسي المغربي .

انطلاقا من كل ماسبق سنعمل هنا على دراسة الادوار التي يمكن ان تقوم بها مختلف مكونات الحكامة، فيما يخص التحفيز على الانخراط الايجابي و الفعال في الشان الانتخابي، ومن ثم على متانة المشاركة السياسية في شموليتها وهي مرحلة التقييد او التسجيل في اللوائح الانتخابية. خاصة ان الانتخابات المقبلة ، وفي اطار الجهوية المتقدمة ، يعول عليها لدخول المغرب افاق الدول الصاعدة .اما بالنسبة للاحزاب السياسية ،باعتبارها كذلك عنصر من عناصر الحكامة ، و بالعودة الى التعريف الكلاسيكي للحزب السياسي في كونه”كل جماعة منظمة رسميا، تعمل عل تادية وظائف، ومنها تثقيف الجمهور” واعتباره ايضا “مكان للخطاب ،الذي لايمكن الوصول الى غاياته الا بتنظيم بنية المعنى ،بحكم ان الحزب ينتج المعاني . انه صانع ايديولوجي و منتج ثقافي ،يتساكن تاريخيا لابراز نموذج المجتمع المشرعن كذلك ،الى ان ابرز وظيفة للحزب السياسي، هي تاطير المواطن ،كما ينص على ذلك الدستور المغربي في فصله السابع ،وكذا الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم29.11 المتعلق بالاحزاب السياسية التي جاء فيها مايلي:”يعمل الحزب السياسي طبقا لاحكام الفصل 7 من الدستور على تاطير المواطنات و المواطنين و تكوينهم السياسي وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشان العام”

وهكذا فمجال الحكامة السياسية واسع جدا يتجلى في مظاهر شتى ابتداء من الدستور والمؤسســـــات والهياكل الدستورية والقوانين، مرورا باحترام مبدأ فصل السلط وتكريس دولة الحق والقانون، وصولا إلى احترام الحريات الأساسية الفردية والجماعية للمواطنين.(1)ومن ثم تتداخل أبعاد الحكامة السياسية بمفهوم الديمقراطية، إذ أنه كثيرا ما أبرزت المؤسســـــــــات الوطنية والجهوية الكبرى العلاقة الموجودة بين مفاهيم الحكامة الجيدة والديمقراطية والتنمية، كما تحمـــل أدبيات هذه المؤسسات توافقا حول كون الحكامة الجيدة تنمي التمثيل السياسي، الحريات المدنية، احتــــرام الدستور، الشفافية.. وهي كلها بمثابة العناصر الأساسية المكونة لصرح الديمقراطية ،والتي من شأن الأخــذ بها تقوية أسس شرعنة الدولة، الشيء الذي ينعكس إيجابا على السلم والاستقرار. الحكامة السياسية لكي تتعمق أكثر تتطلب جيلا جديدا من الإصلاحات يعرف التطور والتجــــديد مرة بعد أخرى تبعا لتطور المجتمع نفسه، وهنا يجب التأكيد على أن صلاح الحكامة السياسية هو ضمان نجاح لحكامات الميادين الأخرى، بل تعتبر الحكامة السياسية الرشيدة بمثابة خارطة طريق ترشد جميــع الحكامات الأخرى، وتحتضنها وتمدها بالطاقة والفعالية والاستمرارية.
فالنهوض بالحكامة السياسية تتطلب جيلا جديدا من الإصلاحات يعرف التطور والتجديد مرة بعد أخرى تبعا لتطور المجتمع نفسه، وهنا يجب التأكيد على أن صلاح الحكامة السياسية هو ضمان ونجاح لحكامات الميادين الأخرى، بل تعتبر الحكامة السياسية الرشيدة بمثابة خارطة طريق ترشد جميع الحكامات الأخرى، وتحتضنها وتمدها بالطاقة والفعالية والاستمرارية وليس هذا مقصورا على الصعيد الوطني، بل إن معظم المنظمات والوكالات الدولية والجهوية بدأت تعيد النظر في تعريف مفهوم الحكامة وتجديده ليتسع المجال، ويتمكن بالتالي من قيام تفاعل وتشارك بين كل الفاعلين للإسهام في اتخاذ القرار، وهو ما يعني بناء علاقات متينة بين الدولة والمجتمع، سواء داخل المجتمع أو داخل أجهزة الدولة، أو القطاع الخاص، أو الحكومة المركزية والأجهزة المحلية الخ. وهذا ما يفسر أن معظم المنظمات الدولية والوكالات المتخصصة أعطت تعريفا خاصا بها للحكامة، وبعضها اتخذ من السياسية الإستراتيجية على الخصوص أحد أهدافها كبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، والبنك الأسيوي للتنمية وغيرهما والتي وسعت مفهومها في اتجاه التنمية التشاركية، والتدبير الجيد للشأن العام، وهو توجه يعكس التفكير المشترك للانفتاح على مبادئ الإستراتيجية السياسية والتنمية، غير أن ذلك يقتضي إيجاد نظام يتعايش في إطاره كل الفاعلين العموميين والخصوصيين من أجل جعل العمل العمومي أكثر فاعلية والمجتمع قابل للحكم بسهولة، ومن هنا استعمل مفهوم الحكامة السياسية من طرف منظري العمل العمومي وعلماء السياسة والاجتماع، كأداة ووسيلة لشرعية التدبير السياسي، كما يهتم أيضا بعلاقة الإدارة مع الجسم السياسي وعلاقتهما مع المجتمع ومع العالم الاقتصادي، إنها نظرية الضبط الاجتماعي الذي يشمل مستويات عدة.

على ضوء ماسبق ،ومن اجل بلورة منظومة متكاملة من الاواليات المساعدة لمكونات الحكامة ببلادنا ،للرفع من القدرات التمكينية على مستوى التسجيل في اللوائح الانتخابية ،فاننا نقترح الاقتراحات التالية ،على صعيد باقي هذه المكونات :المجتمع المدني ، القطاع الخاص،وسائل الاعلام، المواطن . -اولا: المجتمع المدني : ان المجتمع المدني كعنصر من عناصر الحكامة ، يبرز عن حيوية فاعلة ويعبر عن دينامية فائقة في تاطير المواطنين ،للعمل في الشان العام، من خلال ادائه للعديد من الوظائف الموطدة للسلوك المدني والمرسخة لشعور
والعمل على ارساء مبادئ المواطنة من قبيل التحسيس ،التثقيف ،التوعية، التعبئة ،التنشئة … هذه الاهمية الوظيفية للمجتمع المدني ،تتعزز باهمية اخرى ،هي الاهمية التركيبية ،باعتباره يضم في طياته مجموعة من المؤسسات تستطيع ،وبكفاية ان تلعب الدور المحوري في عملية التغيير الاجتماعي والسياسي و الثقافي .باختصار شديد، ان دور المواطن ،كمكون من مكونات الحكامة على مستوى المشاركة السياسية وعبرها التسجيل في اللوائح الانتخابية، يبقى مسالة بديهية بالنظر الى كون ان جل تدخلات و مساهمات باقي مكونات الحكامة على هذا الصعيد تدور في فلكه ،ومن ثم يبقى التسجيل باللوائح الانتخابية والتصويت واجبا اخلاقيا اكثر منه حق قانوني.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة