رحلة ترفيهية في البحر قادت مواطنين اسبانيين خلف القضبان بتهمة الاتجار في المخدرات

الواضح24
2020-06-29T09:31:43+00:00
مجتمع
الواضح2429 يونيو 2020آخر تحديث : الإثنين 29 يونيو 2020 - 9:31 صباحًا
رحلة ترفيهية في البحر قادت مواطنين اسبانيين خلف القضبان بتهمة الاتجار في المخدرات
أحمد الجوهري

حكاية من الذاكرة

تحولت رحلة صيد في عرض البحر الأبيض المتوسط لدى مواطنين اسبانيين، إلى معاناة في البحث عن براءتهما من تهمة الاتجار الدولي في المخدرات، هكذا آل حال “كانو سانشيز”، و”راميرز رويز”، اللذان أدانتهما المحكمة الابتدائية بطنجة، بثلاث سنوات سجنا نافذا، وغرامة قدرها خمسون ألف درهم، وينتظران ما ستقضي به العدالة في المرحلة الاستئنافية، سيما بعد ظهور حقائق تصب في صالحهما.

قبل سنوات، قرر “رويز” و”كانو”، مواطنان اسبانيان ينحدران من كاديس، الإبحار على متن زورق ترفيهي اشتراه كانو بمبلغ 11 مليون سنتيم، حيث اتفقا على أن يمارسا هواية الصيد خلال هذه الرحلة الترفيهية، الاحساس بالانتشاء دفع ب “كانو” بأن يصحب معه ابنه ذو الستة عشرة ربيعا، في رحلة انطلقت من ميناء الجزيرة الخضراء، على السابعة صباحا في اتجاه ميناء طريفة.

في عرض البحر الأبيض المتوسط وجد الثلاثة أنفسهم تائهين فوق المياه، بعدما خذلتهم الأحوال الجوية، حيث انتشر ضباب كثيف حجب الرؤية عن ربان الزورق الذي تنقصه التجربة الكافية في الإبحار، ومواجهة الإعصار، كما أن الزورق يفتقر إلى جهاز تحديد المواقع، وإلى راديو الاتصال البحري، مما عمق من أزمة الربان، الذي وجد نفسه عاجزا عن السيطرة والتحكم في توجيه الزورق.

أجرى قائد الزورق اتصالا هاتفيا بصديق له باسبانيا، هذا الأخير نصحه بالإبحار في اتجاه الشرق للوصول إلى مضيق جبل طارق، لكنه عجز عن تحديد الاتجاه، فربط الاتصال بمصالح الإنقاذ البحري الاسباني، طالبا النجدة، إلا أنها تعذر عليها الوصول إليه، لافتقار الزورق للوسائل الحديثة، التي تحدد تواجده، مما زاد من تعميق مأزق ركاب الزورق، وإحساسهم بالعزلة وسط مياه البحر الأبيض المتوسط.

يقول “كانو” مالك الزورق، أحسسنا بالخطر يحدق بنا من كل جانب، أمام حركة السفن البحرية، التي كنا معرضين للارتطام بها في ظل كثافة الضباب، فرأينا من الأجدر أن نبحر ولو أننا لا نعرف في أي اتجاه نسير، فسلمنا أنفسنا للأقدار، سيما وأن مخزوننا من الوقود كان على وشك النفاذ، فظللنا نبحر لمدة أربع ساعات وندعوا الله بأن ينتشلنا من ورطتنا الصعبة التي كنا ندرك أنها ستفضي بنا نحو الهلاك، وهكذا استسلمنا لما أرادته الرياح، فتركناها تتحكم في إبحارنا إلى أن لاحت لنا اليابسة، حيث التحق بها صديقي سباحة، واستفسر عنصرا من القوات المسلحة المغربية، كان متواجدا هناك، إلا أنه يجهل الحديث بالاسبانية، فاستعان برجل كان متواجدا هناك، هذا الأخير أخبرنا بأننا نتواجد بشاطئ المرسى بالقرب من جزيرة ليلى بالمياه الإقليمية المغربية.

ربط ربان الزورق الاتصال من جديد بمصالح الإنقاذ البحري الاسباني، ليخبرهم بتواجد الزورق بالقرب من جزيرة ليلى بالمياه الإقليمية المغربية، وفي هذه الأثناء اقترب منهم زورق سريع تابع للبحرية الملكية المغربية، وبعدما باشرت عناصر من الدرك الملكي معاينة الزورق الاسباني، وتفتيشه والإطلاع على هويات راكبيه، قامت بتمشيط لعين المكان، لتعثر على بعد 800 متر من رسو الزورق على دراجة مائية، تطفو على سطح الماء، بعدما تخلى عنها سائقها، وعلى متنها كمية من المخدرات وهاتفين نقالين.

حامت شكوك المصالح الأمنية حول المواطنين الاسبانيين، بكونهم لهم صلة بالدراجة المائية المحملة بالمخدرات، وبعد عملية الاستنطاق التي أنكر فيها المتهمون صلتهما بالدراجة النارية، وصرحا في محضر الضابطة القضائية، بكونهم تاهوا في البحر ووجدوا أنفسهم فجأة بالمياه المغربية، تم اشعار النيابة العامة بابتدائية طنجة، التي أمرت بوضع اثنين من ركاب الزورق تحت الحراسة النظرية، وإخلاء سبيل ابن” كانو” لكونه قاصرا.

ووفق ما تقتضيه الإجراءات القانونية في هذا الشأن، تم إخبار القنصلية الاسبانية بطنجة، وتم حجز الهواتف النقالة لراكبي الزورق، حيث تم فحص الأرقام الهاتفية الخاصة بها، بناء على طلب قاضي التحقيق بالغرفة الثانية لدى ابتدائية طنجة، الذي أمر بمتابعة المتهمين من أجل حيازة المخدرات، ومحاولة تصديرها، والاتجار فيها، والتواجد غير القانوني في المياه الإقليمية المغربية.

واستند قاضي التحقيق في توجيه الاتهام للضنينين، على نتائج الخبرة التي أجريت على هاتفيهما، التي اتضح من خلالها أنهما أجريا اتصالات هاتفية مع رقم هاتف اسباني ثابث، هو 349566847740، وهذا الرقم صدرت منه مكالمات في اتجاه هاتف بالمغرب، وصاحب هذا الرقم الأخير أجرى اتصالات هاتفية بدوره مع “ن.غ”، الذي يوجد رهن الاعتقال بتهمة الاتجار الدولي في المخدرات، بعدما ضبطت مصالح الأمن المغربي كمية من مخدر الشيرا بزورقه الترفيهي.

بناء على نتائج التحقيق التفصيلي لقاضي التحقيق، تمت متابعة “كانو سانشيز”، و”راميرز رويز”، بالمنسوب إليهما، وأدانتهما ابتدائية طنجة بثلاث سنوات سجنا نافذا، وغرامة مالية قدرها خمسون الف درهم.

من هنا ستبدأ فصول أخرى من حكاية المواطنين الاسبانيين، للبحث عن الخيوط التي تبثث براءتهما، فهما يعتبران نفسيهما ضحيتا سوء الحظ، وحكم جائر لا يستند على دلائل ملموسة، وقرائن كافية لإدانتهما، وهكذا تجندت عائلة المتهمين، لإطلاق حملة واسعة  للكشف عن براءتهما، انخرطت فيها فعاليات مدنية وسياسية ساندت المتهمين.

المتهمان يلوحان بما يثبث براءتهما من المنسوب إليهما، فالرقم السالف الذكر الذي اعتمد عليه قاضي التحقيق، بكونه كان على اتصال بهاتفيهما النقالين، وبهاتف مغربي متهم بالاتجار في المخدرات، هو رقم خاص بمصالح الإنقاذ البحري الاسباني، وكل من يواجه خطر البحر ملزم بالاتصال به، باعتباره رقم تابع لإدارة عمومية، وفي هذا الصدد قال  المتهمان، (بعدما رمانا سوء الحظ قرب دراجة مائية محملة بالمخدرات، استندت العدالة على رقم هاتفي اسباني ثابث، ومن الأكيد أن قاضي التحقيق يجهل بأن الرقم المذكور تابع لمصالح الانقاذ البحري الاسباني، مما دفع بعائلاتنا إلى التحري، واكتشاف واحد من الخيوط التي يمكن أن تفك لغز قضيتنا)،  وهكذا  قامت كذلك بتحريات بخصوص مالك الدراجة المائية، التي تحمل ترقيما اسبانيا، فاتضح لها أنه بدوره تاه في البحر، واتصل بزوجته، التي اتصلت بدورها بمصالح الانقاذ البحري الاسباني، يوما قبل الحادث، وهو صاحب سوابق عدلية في الاتجار الدولي في المخدرات، ومن شأن التعرف عليه من قبل المصالح الأمنية استجلاء الحقيقة، يقول أحد الأفراد من عائلة الضنينين.

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة